-->
U3F1ZWV6ZTIxMjgyMDQ4NDQwX0FjdGl2YXRpb24yNDEwOTYyNDc2MTM=
recent
أخبار ساخنة

تعرف لماذا لم تعلن الحكومة عن أعداد الأقباط بمصر في الإحصاء السكاني الأخير؟

لماذا لم تعلن الحكومة عن أعداد الأقباط بمصر في الإحصاء السكاني الأخير؟
أثار تجاوز الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء تعداد الأقباط في مـصـر خلال التعداد السكاني الأخير تساؤلات كثيرة، حول لماذا لا تعلن الحكومة عن أعدادهم، بل لماذا لا تعلن أصلا عن إحصاء لأعداد أصحاب الديانات المختلفة؟


الأمر بشر عددا من القيادات القبطية لمطالبة الحكومة بالإعلان عن هذه الأرقام تحقيقا لمبدأ الشفافية، علي الرغم من أنه سبق أن اظهرت الحكومة عن هذه الأعداد في عام 2012، على لسان رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أبو بكر الجندي، وهو ما أثار وقتها الكثير من الجدل حول دقة الرقم المعلن وهل يمثل العدد الحقيقي للأقباط في مـصـر أم لا؟

التعبئة والإحصاء: لم نحصر عدد الأقباط في مـصـر وخانة الديانة اختيارية في استمارة التعداد

يقول الدكتور حسين عبد العزيز، المشرف العام على التعداد بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن نتائج التعداد السكانى لم تشمل عدد المسلمين والأقباط فى مـصـر، مرجعًا السبب إلى أن خانة الديانة فى استمارة التعداد السكانى تكون الإجابة عليها اختيارية لا إجبارية، وبالتالى لم يتم وضع حصر كامل لعدد المسيحيين والمسلمين فى مـصـر.

والمح عبد العزيز في تصريحاته لـ"التحرير" إلى أن جعل خانة الديانة اختيارية جاء بسبب إعلان الأمم المتحدة والذى يمنع الإحصاء على أساس دينى.

مواجهة قبطية لـالتعبئة والإحصاء

يكشف نجيب جبرائيل، محامي الكنيسة المصرية في حديثه لـ"التحرير" عن أنه تحدث مع اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عن أسباب عدم المصارحة بالنسبة الحقيقية للمسيحيين في مـصـر، وكان رده أن هناك توصية قد صدرت من الأمم المتحدة عام 91 تشير إلى أنه لا يجب أن يتم الحصول على تعداد على أساس طائفي، مشيرًا إلى أنها ليست ملزمة.

اللافت في الأمر أن الجندي كشف عام 2012 -أي بعد توصية الأمم المتحدة- أول إحصائية رسمية لعدد المسيحيين بمصر، عندما أعلن أن عدد الأقباط 5 ملايين و130 ألفا، مشيرًا إلى أن هذه إحصائيات موثقة ولا يستطيع أحد إنكارها.

وواصل رئيس الجهاز حديثه آنذاك: "أنه ليس هناك ضغوط على الجهاز لإخفاء أي أرقام، وأنه يتم إعلان الأرقام وفقا لاحتياجات الدولة أو لطلب الجهات الرسمية، وهناك أرقام تكون سرية لوقت معين ويتم إعلانها وفقا للظروف".

ودفعت تلك التصريحات ائتلاف أقباط مـصـر إلى الرد في ظهور له، مشيرا إلى أن هذا الرقم وإن صح فهو بالتأكيد يخص المسيحيين خارج مـصـر فقط وليس الداخل، حيث يمد عددهم على 15 مليون نسمة تتركز أغلبيتها في الوجه القبلي لمصر.

وأوضح أن التعداد الصحيح والحقيقي للمسيحيين بمصر يأتي وفقا لتصريحات المتحدث باسم الكنيسة، الذي يدور ما بين 15 إلى 18 مليون مواطن، وأنه في عهد الرئيس الراحل أنور السادات جرى إحصاء عام فوجد أن تعداد المصريين يبلغ وقتها 51.7 مليون نسمة، وقالت جيهان السادات، السيدة الأولى وقتها، أن عدد الأقباط يبلغ 6 ملايين مواطن.

يعود جبرائيل لمواصلة حديثه: "إذا رأت الدولة بأهمية هذه الإحصائيات فإنه لا يوجد مشكلة في إظهارها للمواطنين"، لافتًا إلى وجود ضرورة في الكشف عن هذه الأرقام من أجل توفير احتياجات المسيحيين من كنائس، مشيرًا إلى أنه لا بد من الإفصاح عن ذلك من أجل معالجة أي قصور قد يحدث من الدولة تجاه أي فئة، وهو أمر لا يختلف عن معرفة أعداد الأطباء في مـصـر.

والمح جبرائيل إلى أن الاستمارة التي يتم توزيعها على المواطنين تشتمل خانة الديانة، والغريب أن رئيس الجهاز أخبرني أنهم أعطوا تعليمات إلى المندوبين بعدم السؤال عن خانة الديانة، متسائلًا: "لماذا وضعتم خانة الديانة من الأساس طالما لا تريدون معرفة تعداد المسيحيين والمسلمين في مـصـر؟".

وأستحضر محامي الكنيسة أنهم قاموا بتصوير هذه الاستمارة لديهم كدليل على الموقف الغريب من عدم التصريح بأعدادنا بشكل رسمي، مشيرًا إلى أن الكنيسة لديها إحصاء دقيق بأعداد المسيحيين في مـصـر، وهو من واقع خدمتها، لكن ليس بقصد الإحصاء وإنما بهدف توزيع خدمات.

وحسب جبرائيل فإن هناك 18 مليون مسيحي في مـصـر، بالإضافة إلى 5 ملايين في الخارج، مشيرًا إلى أن السلفيين روجوا إلى أن أعدادنا 5 ملايين فقط، لافتًا إلى أن هناك 3200 مسجد في فرنسا رغم أن عدد المسلمين داخلها 6 ملايين، بينما هناك 18 مليون داخل مـصـر ويبلغ تعداد الكنائس 2400 كنيسة على مستوى الجمهورية، وهذه الإحصائيات سليمة بنسبة 100%.

الإحصاء الذي ذكره جبرائيل يقترب من الذي أعلنه الأنبا باخميوس، الذى كان يتولى وقتها إدارة الكنيسة بعد موت البابا شنودة وقبل اختيار البابا تواضروس، والذي اخبر إن عدد المسيحيين يتراوح بين 15 و18 مليونا، وإن الكنائس المختلفة فى أنحاء مـصـر لديها إحصاء بعدد المترددين عليها ويتم حصرهم بدقة من خلال تفقدهم ورعايتهم.

يستطرد محامي الكنيسة: "هذه القضية لا بد من إثارتها لأنها مهمة في خدمة المجتمع، حيث إن حصر الأعداد من أجل توفير أماكن للعبادة، ولا يحدث صدام بين أطراف داخل المجتمع، دعنا نشر إلى أن هناك أسبابا أمنية وراء عدم الإعلان حتى لا يطالب المسيحيون بوظائف أو نسب معينة أو كنائس جديدة، وحتى لا يثور الجانب السلفي، فالدولة تخاف من السلفيين".

الشفافية مطلوبة

من جهته يقول القس رفعت فكري، مسؤول لجنة الإعلام بالكنيسة الإنجيلية، إنني لا أفهم السبب وراء إخفاء عدد المسيحيين في مـصـر، وكلما نريد إحصاء رسميا عن تعداد الأقباط، لا سيما أن هناك مطالبات عديدة بذلك، وأرى أن الحديث في تفاصيل هذه المسائل يعد من الأمور الطبيعية.

والمح فكري في تصريحاته لـ"التحرير"، أن الإفصاح عن ذلك يمثل نوعًا من الشفافية، لكن الغريب أنه يتم التعامل مع هذه المعلومات كأنها سر حربي، لافتًا إلى ضرورة وضوح المعلومات والكشف عن نسبة المسلمين والأقباط في مـصـر، مطالبًا التعبئة والإحصاء أن تظهر كل ما يتعلق بمثل هذه النسب، لا سيما أنه الجهاز المنوط به القيام بذلك.

الواجبات والحقوق ليست بالأعداد

يقول المفكر القبطي كمال زاخر، إن الحكومة تتخيل أن الحقوق والواجبات ترتبط بالعدد، وهذه نظرة تشير إلى أن أصحابها لم يخرجوا من دائرة الثورة الصناعية وتداعياتها، مشيرًا إلى أنهم يتصورون أن الكشف عن هذه المعلومات سيتبعه مطالبات بحقوق للأقباط، وأن أعدادهم إذا ظهر زيادتها فإنه سيكون بابًا في الدخول لنظام المحاصصة مثلما حدث في لبنان.

وأوضح زاخر في تصريحاته لـ"التحرير"، أن هذا فكر ساذج، لأنه وفقًا للدولة الحديثة في ظل وجود ثورة الاتصالات والمعلومات فإن هذه المعلومات إذا تم نقلها بشفافية لن يكون هناك تأثير سلبي، مشددًا على أن الحقوق والواجبات لا تترتب على العدد.

وأستحضر أن الحقوق والواجبات مكفولة للجميع في دولة المواطنة، حتى إذا كان العدد فردا واحدا، وإذا افترضنا أن اليهود في مـصـر أعدادهم لا تزيد على عشرة أفراد لكن هذا لا يعني أن المواطنين المصريين اليهود ليس لهم نفس الحقوق والواجبات، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يكشف عن ضحالة في الرؤية لدى كثيرين من المسؤولين عن هذا الأمر.

المفكر القبطي واصل: "نحن نتعامل مع الأرقام بغير ما يجب أن ننظر إليه، لكن يجب أن نعي أننا نتحدث في النهاية عن أرقام مجردة يترتب عليها رسم السياسات العامة، وذلك لإعادة النظر في الأشياء بعد توثيقها عن طريق الإحصاء، والأرقام لا تطلب لذاتها إنما حتى يترتب عليها التخطيط".

واستطرد: "لا يوجد مبرر واحد لإخفاء الأرقام إلا إذا كان يتعرض لتسليح الدولة، ومن الشفافية إظهار أرقام المسلمين والمسيحيين وأصحاب الديانات الأخرى، إذ إن الضرر الناتج عن إخفاء الأرقام أكثر من نفعها".

ولفت إلى أنه كان يتم اللجوء إلى الإحصاء قديمًا لأسباب عسكرية بدءًا من الدولة الرومانية مرورًا بالإمبراطوريات القديمة، فقوة الدولة وإمكانياتها تظهر عنها الأرقام والإحصائيات، وبالتالي فإن قوة الدولة تقاس بما لديها من معلومات.

وحول إذا كانت ثقافة المجتمع لا تتقبل الخوض في عدد الإحصائيات، اخبر إذا كان هذا الكلام موجودا فإنه لا بد من علاج هذا المرض، ولا يكون الحل بإخفاء المعلومات، لا يمكن أن نخفي على المريض حقيقة مرضه إذا كنا نريد علاجه، فالمكاشفة أساس التقدم
الاسمبريد إلكترونيرسالة